كتابات وآراء


الخميس - 19 سبتمبر 2019 - الساعة 02:39 ص

كُتب بواسطة : نبيل الشرعبي - ارشيف الكاتب




كنت خارج من بوابة مسجد الجامعة الجديدة بشارع الدائري بالعاصمة صنعاء، بعد قضاء الحاجة وذلك الساعة 4:35 دقيقة عصر يومنا هذا الأربعاء الموافق 18 سبتمبر 2019، استوقفتني امرأة يبدو عليها كثير من التعب والشحوب، لتسألني بصوت خجول هل يوجد بالمسجد مصلى خاص للنساء، أجبتها لا يوجد.

هممت بمغادرة المكان، وتراجعت لأخبرها بأنه يوجد مصلى للنساء في مسجد أخر بنفس المنطقة وأرشدتها كيف تصل إليه.

مرة آخرى سألتني هل سيكون المسجد الآن مفتوح، وهل سيتركوها تنام حتى المغرب، أجبتها نعم سيكون مفتوح وسيتركك القيم على المسجد تدخلي وتنتظري للمغرب.

وبصوت منخفض سألتها لماذا ستنامي بالمسجد، أحابتني بمرارة بأن مالك المنزل الذي تسكن فيه أغلق عليها السكن بسبب تراكم الإيجارات عليها، وهي منذ الصباح تبحث على حل دون فائدة، ثم اضطرت بالاتصال لشقيتها إلى ريف تعز، وشقيقتها أرسلت إبنها إلى المدينة لبيع ذهب وتحويل مبلغ لسدد الإيجارات وقد يتأخر للمغرب وهي متعبة وأطفالها تركتهم عند جيرانها، ولذلك سترتاح قليلا فهي لم تتوقف من الصباح عن المشي.

حاولت منحها ما يعينها لدفع أجرة الباص وشراء وجبة طعام لها ولإطفالها، ولكنها رفضت قائلة شكراً أخي ومضت في طريقها، قطعت عليها الطريق أريد مساعدتها والذهاب لمالك المنزل ودون جدوى..

أصريت عليها وكان ردها لا داعي أبداٌ، ابن أختي بالطريق لتعز سيبيع ذهب أمه ويرسل لي فلوس لأدفع الإيجارات لصاحب البيت وأخذ أدواتي وأرجع بلادنا، خلاص تعبت من البقاء هنا، سأرجع بلادي وأكل تراب وأني وأولادي مستورين الحال وجنب أهلي..

للعلم المرأة انتقلت من ريف تعز إلى المدينة مع زوجها بعد زواجهما قبل أكثر من 15 عاما، ومع اشتعال الحرب بتعز قُتل زوجها وهي نزحت مع أولادها إلى صنعاء..

يا تجار الحروب اوقفوا انتهاك أعراضنا، كفى إيغال بالوجع والقهر، دعونا نبتسم ولو ليوم واحد، لا تغرقونا بأرتال القهر الذي يتدفق على أرواحنا كسيل العرم..