كتابات وآراء


الأحد - 13 أكتوبر 2019 - الساعة 12:25 ص

كُتب بواسطة : نبيل الشرعبي - ارشيف الكاتب



ثلاثة أعوام في زمن الحرب التي تعصف باليمن، تعرفت إليه عن قرب ومكثنا أيام كثيرة معاً.. وجدت روح الإنسان المعجون بالنور، وخُلق الفلاح المرتبط بالأرض والزراعة والعمل الجاد، ودماثة العالم المتقد بالعلم النافع، تواضع المثقف المفعم بالحب للخير والسلام..

كنت استدرجه في لقاءاتي للحديث عن طفولته المتفتحتة على العلم وحب المثابرة والتفوق وبتواضع جم يطربني بالحديث على ذكريات طفولته المليئة بمحطات ممزوجة بعبق بيئته_ شرعب الرونة وريادة المعرفة القادمة من مدينة الحالمة تعز..

أيضاً تفاصيل كثيرة حاكتها هدهدات النور المتدفقة من روحه وعلى مدى طوال ثلاث سنوات ظفرت بالعيش خلال أيام كثيرة منها بمعيته أخي وصديقي ومعلمي عبدالعزيز اليهاجم_ رحمة الله تغشاه.

بفخر حدثني على عصامية والدته رحمها الله والتي سبقتها إلى عالم النور بحوالي عام.. كان دائماً ما يقول لي ووجهه يتهلل بهجة، كانت والدتي الغالية لا تتساهل معي وإخواني حيال التعليم رغم أنها لم تحظى بفرصة الإلتحاق بالتعليم..

صديقي وأخي عبدالعزيز الهياجم، كان قبل أن يصل إلى محطة إغتراب والده والذي أيضاً سبقه إلى عالم النور بأشهر، يفخت صوته ثم يقول الظروف أجبرت والدي حفظه الله على الإغتراب، لتقوم أمي الحبيبة بدور الأب والأم معاً، لقد كانت أمي تقوم على الأرض وعلى تربيتنا وتعليمنا ولم تشتكي يوماً من ثقل الحمل الذي وقع عليها، بل العكس كانت تعتز بما تقوم به وترسم لنا فرحة والدي حين عودته من الغربة ليجدنا وقد إلتحقنا بالتعليم وتفوقنا، ووفاءاً لوالدي وحرصها على تعليمنا كانت ترفض أن ننشغل بغير التعليم حتى في مساعدتها بفلاحة الأرض وتربية المواشي..

حدثني على فرحته بأول هدية منحت له من والده بمناسبة نجاحه بتفوق في أول عام دراسي، قال لم أنسئ تلك الهدية وهي كاميرا يدوية قديمة طلبتها عندما خيروني بين دراجة هوائية أو هدية أخرى، وبضيف إلتقطت بها صور لبلدتي الريفية.. يتوقف ثم يقول بحزن كم أنا حزين لأن الصور التي إلتقطتها تعرضت للتلف..

وعلى ذكرياته مع الصندوق السحري_ الراديو، قال كان معنا بالبيت راديو خشبي وكنت أوفر من مصاريفي ثمن بطاريات للراديو الذي أخذه معي عصر كل يوم دراسي وأذهب للحقل لمراجعة الدروس ومن ثم الاستماع للأخبار القادمة عبر أثير صوت العرب ليثري معلوماته وينقل بعض منها في إذاعة المدرسة..

كذلك تحدث لي على علاقته الحميمة بشقيقه الأكبر وحبهما لبعض كأنهما أصدقاء إذ الأطفال ينسجمون مع أصدقائهم أكثر من الإخوان الذين يحكمهم الرسميات..

ذكريات كثيرة حدثني عليها أخي وصديقي عبدالعزيز_ رحمه الله، بداءً من طفولته حتى الأيام التي سبقت جلوسي بمعيته..

طوال ثلاثة أعوام لم يتجاهلني ولم يعتذر يوماً عن إنشغاله بعملٍ ما، بل كان يبتهج بقدومي وينهي عمله سريعاً لنواصل سرد ومضات حياتنا بحلوها ومرها..

حزين لرحيلك أخي وصديقي ومعلمي عبدالعزيز_ رحمة الله تغشاك، وحزين على إنغلاق نافذة الضوء التي كنت أطل منها على صدف فؤادك الكثير والبهي والنقي..

معذرة صديقي إن تعثرت أحرفي الصغيرة في تضميد كسر روحي بفقدانك الموجع.. ولا أخفيك أني صرت ركيك بدونك.. أوووه هل أرثي نفسي التي غدت وحيدة فقد أجبر الظلام أخي وصديقي محمد عيضه على مغادرة صنعاء مكرها وزملاء أخرين وكنت محمد وعبدالعزيز وعلا ووليد وعصام وعبدالجليل وصقر...إلخ، أم أرثيك وأنا الهصير الجناح المتكسر على مداخل الوجع..

رحمة الله تغشاك صديقي عبدالعزيزً وعزائي خالص لأسرة الهياجم كافة ولي ولكل الأصدقاء والأسرة الصحفية واليمن.